ما أعجب القلب حين يُحبّ، وحين يرى في إنسانٍ واحد، وطنًا كاملًا، وملاذًا لا يُشبه سواه.
ثمة أشخاص لا يُشبهون سواهم، يأتون كأنهم طُهّروا من التعب، وكأنهم هُيّئوا ليكونوا عزاءَ أرواحٍ أرهقتها الحياة.
وأنتِ… كنتِ كلّ ذلك.
كنتِ الضوء الذي تسلّل إليّ حين أطفأت الدنيا أنوارها، واليد التي امتدت إليّ حين تعثّرت خطواتي، والنبض الذي أيقظ في قلبي الطمأنينة.
ما زلتُ أذكر لحظة البدايات، حين قلتِ لي، كأنك تُعلنين بدء حكاية لا تنتهي:
“يا حلوك.”
كلمةٌ واحدة، لكنها كانت مفتاحًا لبابٍ من الحُبّ لم أطرقه من قبل. شعرتُ حينها أنني مرئية، أنني محبوبة كما أنا، لا كما يجب أن أكون.
ومنذ تلك اللحظة، أصبحتِ المأمن، والصوت الذي يُعيد ترتيب انكساراتي، والمكان الذي تهدأ فيه روحي كلما ضجّت بي الحياة.
كنتِ تسبقينني إلى تعبي، حتى قبل أن أتكلم.
أذكر حين قلتُ لكِ بتعب: “سأذهب لأحضر لي بعضاً من الماء”
ف نهضتِ تركضين، كأن قلبكِ سبقك،
وكأنكِ تهمسين لي بلا صوت: “دعي عنكِ كل شيء… أنا هاهنا لأجلك.”
وما أحنّ تلك الليلة، حين غلبتني الدموع، فكنتِ الحضن، والصوت، والسكون. جلستِ قربي، وقلتِ لي بلطفٍ يذيب الوجع:
“أنا معكِ… لا شيء يُخيف.”
وهل أخاف ما دامت يدكِ في يدي؟ وهل أضيع، ما دام قلبكِ يُناديني كلما ابتعدت؟
وفي أيامي الأشدّ وجعًا، حين أتعبني المرض، وأنهكتني العمليات، ولم يبقَ لي من الحيلة شيء، كنتِ أنتِ السؤال الأول، والوجه الذي انتظر رؤيته، والنبرة التي تمنيتُ سماعها.
كان يكفيني أن أعلم أنّكِ تذكّرتِني، أن اسمِي مرّ على دعائكِ، أن قلبكِ كان يُنصت لغيابي.
الآن… وقد افترقنا لأيام، تشكو المسافة اشتياقي، ويُربكني الغياب.
أُحصي الليالي، لا لأنني أكرهها، بل لأقرب موعدًا تلتقي فيه الأرواح.
أشتاق حديثكِ، ضحكتكِ، همساتكِ، وحتى صمتكِ الذي كان يشبه الأمان.
أرجو أن تمضي الأيام سريعًا…
حتى تعودي إليّ كما الغيم بعد القيظ، كما العافية بعد السقم، كما النور حين يملأ صدور الغائبين.
عودي…
لأروي لكِ ما أخفاه الصمت، وما فعله الغياب.
عودي، لأخبركِ كم كبرت المسافة بيني وبين روحي، منذ ابتعدتِ.
وحتى تعودي،
سأكتفي بذكركِ في صلاتي، وأزرعكِ وردةً في قلبي لا تذبل.
فأنتِ لستِ فقط من أحببت…
أنتِ من أيقظت فيّ الحياة
-وَهْـجـان
18-7-2025
. ما أحنّ وأعذب كلماتك
“ حتى تعودي إليّ كما الغيم بعد القيظ، كما العافية بعد السقم، كما “ النور حين يملأ صدور الغائبين
أذهلني هذا النص 🤍.